close
قصص رائعة

لماذا نهى النبي ﷺ عن استلقاء المســ،لم عـLـي ظهره مع رفع إحدى الرجلين عـLـي الأخرى

 

وَأَمَّا فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَكَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَظْهَرُ منها شيء. وهذا لابأس به، ولا كراهة فِيهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ .

 

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الِاتِّكَاءِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالِاسْتِلْقَاءِ فِيهِ . قَالَ الْقَاضِي: لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَذَا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مِنْ تَعَبٍ أَوْ طلب راحة أو نحو ذلك .

قال ** وإلا فقد عُلِمَ أَنَّ جُلُوسَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجَامِعِ عَلَى خِلَافِ هَذَا، بَلْ كَانَ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا ، أَوْ مُحْتَبِيًا وَهُوَ كَانَ أَكْثَرَ جُلُوسِهِ ، أَوِ الْقُرْفُصَاءَ ، أَوْ مُقْعِيًا ، وَشِبْهَهَا مِنْ جِلْسَاتِ الْوَقَارِ وَالتَّوَاضُعِ .

 

قُلْتُ ** وَيحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ؛ وَأَنَّكُمْ إِذَا أَرَدْتُمُ الِاسْتِلْقَاءَ: فَلْيَكُنْ هَكَذَا ، وَأَنَّ النَّهْيَ الَّذِي نَهَيْتُكُمْ عَنِ الِاسْتِلْقَاءِ: لَيْسَ هُوَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ؛ بَلِ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَنْكَشِفُ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَتِهِ، أَوْ يُقَارِبُ انْكِشَافُهَا “انتهى.

وأما من لم ير إمكانية الجمع بينهما ، فقد لجأ إلى ترجيح أحد الحديثين بمرجح خارجي ، وهنا رجح بعض أهل العلم جـــg|ز الفعل ، لأنه ثبت أن أبا بكر وعمر كانا يفعلان ذلك ، وحكم عـLـي ما ثبت من نهيه صلى الله عـLــيه وسلم بأنه منسوخ ، حتى مع عدم الوقوف عـLـي تاريخ كل منهما؟!

وممن قال بذلك الطحاوي ، وابن بطال ، وابن عبد البر ، رحمهم الله تعالى.

 

قال الطحاوي في “شرح معاني الآثار” (4/279) :” احتمل أن يكون أحد الأمرين قد نسخ الآخر، فلما وجدنا أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، وهم الخلفاء الراشدون المهديون ، عـLـي قربهم من رسـgل الله صلى الله عـLــيه وسلم ، وعلمهم بأمره ؛

قد فعلوا ذلك بعده بحضرة أصحابه جميعا ، وفيهم الذي ⊂ــدث بالحديث الأول عن رسـgل الله صلى الله عـLــيه وسلم في الكراهة ، فلم ينكر ذلك أحد منهم، ثم فعله عبد الله بن مسعود وابن عمر وأسامة بن زيد وأنس بن مالك رضي الله عنهم ، فلم ينكر عليهم منكر **
ثبت بذلك أن هذا هو ما عـLــيه أهل العلم في هذين الخبرين المرفوعين ، وبطل بذلك ما خالفه لما ذكرنا وبينا ” انتهى .

 

وقال ابن عبد البر في “التمهيد” (9/205) :” أَرْدَفَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ، بِمَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ** أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ .

فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ ذَلِكَ ** مَنْسُوخٌ بِفِعْلِهِ ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ بِعَمَلِ الْخَلِيفَتَيْنِ بَعْدَهُ ، وَهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا النَّسْخُ فِي ذَلِكَ ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَنْسُوخِ مِنْ سَائِرِ سُنَنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .

 

وَمِنْ أَوْضَحِ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ ذَلِكَ ** عَمَلُ الْخُلَفَاءِ وَالْعُلَمَاءِ بِمَا عَمِلُوا بِهِ فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ يَتَبَيَّنُ النَّاسِخُ مِنْهُ مِنَ الْمَنْسُوخِ ؛ لَكَانَ النَّظَرُ يَشْهَدُ لِحَدِيثِ مَالِكٍ ، لِأَنَّ الْأُمُورَ أَصْلُهَا الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَظْرُ ، وَلَا يَثْبُتُ حُكْمٌ عَلَى مُسْلِمٍ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ ” انتهى.

والراجح في ذلك ** هو ما قال به الجمهور ، وهو الجمع بين القول والفعل ، بأن يُحمل النهي عـLـي حال تكشف فيه |لـcـgرة ، ويكون فعله صلى الله عـLــيه وسلم لبيان |لجــg|ز .

أما القول بالنسخ ** فلا يصح المصير إليه بأمر محتمل ، وحيث جهلنا التاريخ فلم نعرف المتقدم من المتأخر ، وهذا ما رجحه الحافظ ابن ⊂ــجر ر⊂ــoــه الله .

 

قال ابن ⊂ــجر في “فتح الباري” (1/563) :” قَوْلُهُ: ( وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ): قَالَ الْخَطَّابِيُّ ** فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ .

 

أَوْ ** يُحْمَلُ النَّهْيُ حَيْثُ يُخْشَى أَنْ تَبْدُوَ الْعَوْرَةُ وَالْجَوَازُ حَيْثُ يُؤْمَنُ ذَلِكَ .

قُلْتُ ** الثَّانِي أَوْلَى مِنِ ادِّعَاءِ النَّسْخِ ، لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ ، وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ الْبَيْهَقِيّ وَالْبَغوِيّ وَغَيرهمَا من الْمُحدثين .

وَجزم ابن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ .

وَقَالَ الْمَازِرِيِّ إِنَّمَا بَوَّبَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ ، لَا فِي الْكُتُبِ الصِّحَاحِ ، النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى.

لَكِنَّهُ عَامٌّ ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعُ ، وَاسْتِلْقَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ ** فِعْلٌ ؛ قَدْ يُدَّعى قَصْرُهُ عَلَيْهِ ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ .

لَكِنْ لَمَّا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ ** دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ بَلْ هُوَ جَائِزٌ مُطْلَقًا .

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا ** صَارَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَعَارُضٌ ؛ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا .

فَذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ .

 

وَفِي قَوْلِهِ عَنْ حَدِيثِ النَّهْيِ ** لَيْسَ فِي الْكُتُبِ الصِّحَاحِ ** إِغْفَالٌ ؛ فَإِنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ مُسْلِمٍ ، فِي اللِّبَاسِ ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ .

وَفِي قَوْلِهِ ** فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ ** نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْخَصَائِصَ لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ .

وَالظَّاهِرُ ** أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ . وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الِاسْتِرَاحَةِ ، لَا عِنْدَ مُجْتَمَعِ النَّاسِ ؛ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ مِنَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمْ بِالْوَقَارِ التَّامِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “. انتهى

 

وبهذا يظهر وجه الجمع بين نهيه صلى الله عـLــيه وسلم وفعله .

 

والله أعلم .

الصفحة السابقة 1 2 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى