close
قصص رائعة

الإسكافي_والأخوات_الثّلاثة

 

راقبت الأختان الإسكافي حتى خرج، ثم ذهبتا إلى زينب ،فألحّتا عليها لتدخلهما إلى القصر للفرجة عليه ،لكن أخبرتهما أن زوجها أوصاها أن لا تستقبل أحدا هناك،فوثبتا عليها ،وضربتاها على رأسها،وقيدتاها بحبل ،

ثم رفعتا الستارة ودخلتا وبينما هما تتجوّلان شاهدتا صناديق الذّهب والمجوهرات ،فقالت رابحة لمفيدة :سنحصل على حقنا، ثم أخذتا كيسا وضعتا فيه من إشتهته نفسيهما، ولمّا رجعتا إلى الحفرة لاحظتا أنها إنغلقت عليهما ،

 

 

وأصبحتا سجينتين .
فبدأتا تصرخان بقوة ،لكن لم يجئ أحد إليهم، وحلّ الظلام ،وأحسّتا بالجوع ،فجاء ملك الجنّ ،فوضع أمامهما صحفتين في أحدهما لحم ،الأخرى خبز جافّ ،فأكلتا اللحم ، فقال :يا لكما من طمّاعتين ،لو أكلتما الخبز،

لإنفتحت الحفرة، وخرجتما ،أمّا الآن فستتحوّلان إلى كلبين عقابا لكما على جشعكما ،ولمّا رجع الإسكافي ،وجد زوجته مضروبة ،ومقيدة اليدين والرّجلين ،وبجانبها كلبان،ففكّ قيودها ،وجرى إلى القصر ،

فأحضر منه مرهما من الأعشاب ،دهن به جروح وجهها وجسدها ،وبعد قليل فتح فمه من الدّهشة ،فقد بدأ الجلد يزيد نعومة وصفاء، وعينها تكبران ،حتى أصبح جمال زينب يخطف الأبصار ،ولم يعد بالإمكان أن يراها أحد دون أن يسبح لله ،وأطلق الكلبان عواءا حزينا،وربضا على الأرض تحت قدميها .

قال لهما الإسكافي :إعلما أن ذلك الذهب مجعول لامتحان الأنفس ،وكلّ من يلمسه يسجن هناك ،ولأنّي لم أخذ شيئا منه رغم حاجتي، أعطاني ملك الجنّ القصر بكلّ ما فيه . ما زلتما لم تفهمان أنّ الجشع داء بني آدم، وأنّ القناعة أوّل الفضائل ،وستبقيان كلبين طول حياتكما ،هذا ما تستحقانه!!!!

 

لكن زينب بدأت تبكي، وترجّت الإسكافي أن يكلّم ملك الجن ليعيد إليهما صورتهما ،قال لها :سأفعل هذا لأجلك ،لكن لا أريد رؤيتهما أمامي !!! هل فهمت ؟،دخل الإسكافي للقصر ثم أحضر عشبة ،فقال لهما ضعاها في الماء ،ثم اشربانه ،ولما فعلتا ذلك ،رجعتا كما كان ،فأطردهما الإسكافي من دكانه ،وهددهما بالويل والثبور لو رآهما مرة أخرى في دكانه .

رجعت الفتاتان ،وهما تتميزان غيضا ،وقالت رابحة لأختها : أردنا أن نفسد حياتها لكن تلك اللئيمة إنتصرت علينا، وزاد جمالها، وحبّ ذلك الرجل لها ،هل رأيت كل ذلك الذهب والأحجار الكريمة ؟

لا أصدّق أنّ كلّ ذلك المال من نصيبهما !!! سألتها مفيدة، وماذا سنفعل هل تذكرت ما حصل لنا ؟ أجابت رابحة: لهذا سنحرق الدّكان بما فيه ،وهكذا لن يكون فرق بيننا وربما تركت زينب زوجها لما يفلس،

 

 

ولا ببقى له شيئ !!! وفي المساء أقفل الإسكافي دكانه ،وخرج مع إمرأته فكسرت رابحة زجاج النافذة ،وصبت الزيت وألقت مشعلا في الدّكان، لكن النار لم تشتعل ،ولمّا أطلت برأسها فوجئت به ينحصر في النافذة، ،

وجاءت الفئران، فمزّقت وجهها حتى بان العظم ،ثم سحبتها أختها، وغطت رأسها ،ورجعتا إلى المنزل ،ولمّا سألتهما فطومة عمّا حصل لم تقولا شيئا ،لكن الجيران أتوا إليها ،وأخبروها أنهما كانتا تحاولان حرق دكان الإسكافي .

قالت الأم لمفيدة : لقد عاقب الله أختك الكبرى ،وأرجو أن تتوبين علن فعل الشرّ !!! أجابتها من اليوم سأرضى بأيّ رجل يتقدم لي حتى ولو كان فقيرا ،

وقد تعلمت أنّ الأدهى من كل شيئ هو النفس الأمارة بالسوء والتي تجعلنا لا يشبع ،ونسعى دائما وراء الدنيا ،أما أختى فسيكون أمامها وقت طويل لتتعلم القناعة ،وكلما ستنظر في المرآة ستتذكّر ما فعلته في حق أختها الصغيرة ،

 

 

فاللعنة على متاع الدنيا ،وعلى من يجري خلف المال ،يا ليتني قبلت بصحن الزّيتون الذي قدّمه لي الإسكافي ،فليس أجمل من الحياة البسيطة ،وليس أحسن من راحة البال ..

الصفحة السابقة 1 2 3 4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى