close
Uncategorized

غرائب التاريخ .. قصة المدينة التي رقصت حتى المـ.ـوت !

في يوليو/ تموز من عام 1518، كانت ستراسبورغ – الإلزاس مدينة حرة وتابعة للإمبراطورية الرومانية، ولمن لا يعرف ستراسبورغ فيكفي القول إنها واحدة من أجمل مدن أوروبا على الإطلاق، على ضفاف نهر الراين، ولديها نوتردام(ها) الخاصة بها حيث تطل على نهر الراين من برج كنيستها الذي يرتفع 120 متراً في الهواء،

لكن الأشياء الجميلة لكي تذكر على هذا النحو في التاريخ يجب أن يحصل فيها شيء ما د.موي، كارثي بما فيه الكفاية لتذكر، إذ لا يكفي الجمال ليتخلّد المرء في التاريخ.

في يوم عادي من أيام ستراسبورغ تلك، لا شيء فيه غريب ولا شياطين في الشوارع، يوم ستراسبورغي يشبه يوماً باريسياً، حيث كان يجب ألا يذكر حتى لشدّة عاديته، فجأة ظهرت امرأة تدعى السيدة تروفيا “Frau Trauffea” في الشارع، وبدأت بالرقص بشكل جنوني دون توقف، بدا وحسب وصف من قاموا بتوثيق الحدث.

كما كتبت الكاتبة والمحررة باتريشيا باور، المحررة المساعدة في موسوعة بريتانيكا، في مقال لها، كأن روح بهلوان تلبسها، أو روح شيطان بزنبرك من النوع الذي لا يحتاج لإعادة شحن، وكانت غير قادرة على التوقف أبداً عن الرقص حتى انهارت من الإرهاق، ومن ثم أعادت الأمر بعد استراحة وجيزة، كأنها لم ترقص أبداً من قبل أو كأن لا شيء يستطيع إيقافها، حتى أن الرجال الذين قاموا بالإمساك بيديها ثم بكامل جسدها، وهم رجال ضخام الجثة أصابتهم العدوى نفسها فابتعدوا عنها بسرعة، وهم يهزّون أجسادهم بطريقة مشابهة.

استمرت بالرقص، ليل نهار بدون توقف إلا لالتقاط الأنفاس، وخلال أسبوع وصل عدد الراقصين إلى أكثر من ثلاثين شخصاً، استمروا بالرقص الجنوني بدون توقف، يمدون أذرعتهم بحركات متشنجة ومتعبة، جواربهم تنانيرهم وقمصانهم غارقة في العرق، وعلى وجوههم نظرة الغيبوبة.

فترض القادة المدنيون والروحيون أن حالة “الهوس الشيطاني” هذه سرعان ما ستنتهي ولا يحتاج الأمر لأكثر من مساعدة الراقصين على سرعة استنفاذ طاقتهم، لذا قاموا بدعم العدد المتزايد من الراقصين، بل وقاموا بتجميع موسيقيين ومؤلفي ألحان راقصة ومنصات خشبية لمساعدة الراقصين على القيام “بـدورهم” على أكمل وجه.

واستدعوا الراقصين المحترفين لمساعدة أولئك الذين لا يعرفون كيف يتمايلون أو يصفقون بيديهم على إيقاع الموسيقا، في أوائل سبتمبر/ أيلول بدأ الوباء بالتراجع، لكن بعد أن فقد أكثر من 400 شخص حياته، من الإرهاق، من النوبات القلبية والسكتات الدماغية وربما من الجوع والعطش، نتيجة المجهود الكبير.

سميت الحالة بوباء الرقص أو “الطاعون الراقص”، وتم تسجيل العديد من مظاهر الهوس بالرقص على مرّ القرون، ولا سيما في يونيو/ حزيران 1237 في إيرفورت في ألمانيا، ويونيو/ حزيران أيضاً في آخن- هولندا، وفي 1417 و1418 في الإلزاس، كما تم الإبلاغ عن حوالي عشرين حالة وباء مماثل بين 1200 و1600م، وكان الأخير ما حدث في جزيرة مدغشقر عام 1863.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى